الصفحة الرئيسية
>
آيـــة
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ آبَاءَكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ أَوْلِيَاءَ إِنِ اسْتَحَبُّواْ الْكُفْرَ عَلَى الإِيمَانِ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ . قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَآؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُم مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُواْ حَتَّى يَأْتِيَ اللّهُ بِأَمْرِهِ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ} إن هذه العقيدة لا تحتمل لها في القلب شريكا... فإما تجرد لها... وإما انسلاخ منها. وليس المطلوب أن ينقطع المسلم عن الأهل والعشيرة والزوج والولد والمال والعمل والمتاع واللذة، ولا أن يترهبن ويزهد في طيبات الحياة ... كلا؛ إنما تريد هذه العقيدة أن يخلص لها القلب ويخلص لها الحب وأن تكون هي المسيطرة والحاكمة، وهي المحركة والدافعة... فإذا تم لها هذا فلا حرج أن يستمتع المسلم بكل طيبات الحياة على أن يكون مستعدا لنبذها كلها في اللحظة التي تتعارض فيها مع متطلبات العقيدة.
ولا يكتفي السياق هنا بتقرير المبدأ، بل يأخذ في استعراض ألوان الوشائج والمطامع واللذائذ ليضعها كلها في كفة، ويضع العقيدة ومقتضياتها في كفة أخرى... الأهل والعشيرة والمال والتجارة والمسكن..كلها في كفة، وفي الكفة الأخرى حب الله والرسول وحب الجهاد في سبيل الله ...الجهاد بكل مقتضياته ومشقاته وتعبه ونصبه... وما يتبعه من تضييق وحرمان... وما يتبعه من ألم وتضحية... وما يتبعه من جراح واستشهاد.
ألا إنها لشاقة ...ألا وإنها لكبيرة....ولكن هي ذاك وإلا {فتربصوا حتى يأتي الله بأمره والله لا يهدي القوم الفاسقين}.
ومفرق الطرق هو أن تسيطر العقيدة أو يسيطر المتاع... أن تكون الكلمة الأولى للعقيدة أو لعرض من أعراض هذه الدنيا... فإذا اطمأن المسلم إلى أن قلبه خالص لعقيدته فلا عليه بعد هذا أن يستمتع بالأبناء والإخوة...وبالزوج والعشيرة...ولا عليه أن يتخذ الأموال والمتاجر والمساكن...ولا عليه أن يستمتع بزينة الله والطيبات من الرزق ـ في غير سرف ولا مخيلة ـ بل إن المتاع بها حينئذ لمستحب باعتبارها لونا من ألوان الشكر لله الذي أنعم بها ليتمتع بها عباده وهم يذكرون أنه الرازق المنعم الوهاب.
المزيد |